صحيحٌ أنّ المحبة كلمةٌ صغيرة حرفيًّا ولكنها كبيرة جدًّا بمعناها أكثر مما يمكن لأي إنسان أن يتصوّر. المحبة حاجة ضرورية لصحّة الانسان النفسية والعاطفية وهي عطاء أكثر مما هي أخذ، وقمّة المحبة هي أن تحب من لا يحبك. المحبة، كما يقول الرسول يوحنا، تطرح الخوف خارج القلب وتُبعدُ الكراهية والحقد وجميع الخطايا خارج الكيان كلّه.
عندما نقرأ كتاب “حرّ…وأخيرًا” للمؤلف صموئيل د. كون، نعرف أن تشارلز أضاع المحبة وافتقدها منذ صغرِه حتى من أمّه، وما عاد يجدها علمًا بأنها أثمن ما تفتقد إليه البشرية. ففي غيابها، يدبّ الخصام والحقد وحتى الحروب. وهذا ما حدثَ في حياة تشارلز تحديدًا.
ولكن، ماذا لو دخلت المحبة قلوبنا؟ سوف يستريح القلب من كل متاعبه ويعيش الإنسانُ حياة سعيدة مسالمة. فكما يقول الكتاب المقدس، إنَّ المحبة رباطُ الكمال، بل علينا أن يحبَّ بعضنا الآخر كما أحبّنا المسيح نفسُه.
ومع الأسف، لم يجد تشارلز المحبة لا في حضن أمّه ولا في بيته ولا في دور الحضانة ولا في بيتِ آخَر سكنَه، حتى إنه لجأَ الى المخدِّرات والسُكر والجنس والسرقة للحصول على المال ثم تزوّج وأنجب، وكلُّ ذلك لم يقدّم له المحبة التي ظلّ طول حياته ينشدها.
مارس خطيّة التحرّش وقاده ذلك ليُسجنَ مرارً وهناك، وفي غياهب السجن، وجد ضالّته المنشودة: وجدَ المحبة!
وجد تشارلز أن المحبة الحقيقية هي محبّة الأب الحقيقي، محبة الله التي “سمَت وما قاسها عقلٌ فطين، فوق النجوم ارتفعت ونزلت للهالكين”. محبة الله التي أخبَرَ أحدهم تشارلز وهو مسجونٌ أنها محبة باذلة مجّانية من دون حساب أو مقابل. هي محبّة أبوية إلهية مخلّصة، لا تعرف حدودًا. لقد تأكد من كل هذا عندما لمعَت أمام عينيه، وهو في السجن، كلمات المسيح في إنجيل يوحنّا: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يو 3: 16).
سلّم تشارلز نفسه للربّ وارتمى في أحضان الآب السماوي وعندما اعترته نوبةٌ قلبية حادة ومميتة، صرّح قائلاً: “يا أبي، أنا عائد الى المنزل”.
وأخيرًا… صار تشارلز حرًّا.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي لتبقوا على اطّلاع بكل كتبنا الجديدة.