يعتبرُ الكثير من المسيحيين وخصوصًا الملتزمين بإيمانهم أن الكنيسة هي لؤلؤة فريدة بناها المسيح نفسه على صخرة الإيمان به ربًّا ورأسًا لها، لكنها سماويّة الكينونة والجنسية ولا تنتمي إلى هذا العالم الحاضر. وعلى هذا الأساس عاش أعضاء هذه الكنيسة أو الجماعة حياةً موقتةً على أساس أنهم غرباء ونُزلاً هنا، بل كونهم ليسوا من العالم كما أنّ المسيح ليس من العالم، ثم رحلوا إلى موطنهم الحقيقيّ والموطن الأفضل كما يؤمنون. بينما يصرُّ البعض الاَخَر منهم أنَّ للكنيسة دورًا رياديًّا فاعلاً يتعدّى البعد الروحي والروحاني إلى الاندماج في المجتمعات والأوطان والمشاركة السلمية والمسالِمة في الحياة البنيويّة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، بل وأكثر، ضخّ التأثير الإيجابي في صنع القرارت في تلك المجتمعات ودوائر التأثير فيها وخصوصًا المساهمة في صنع السلام. فالحياد، برأي هؤلاء، مهما كان إيجابيًّا، لا بد له أن يعزلَ الكنيسة وأعضائها عن محيطهم ويجعل منهم مدعاةً للمحاربة والانتقاد وشتّى أنواع التهم أقلها الانكفاء عن تحمل أية مسؤولية وطنية واجتماعية، وبالتالي، تصبحُ بعيدةً كلَّ البعد عن الولاء للوطن بكل أجهزته.
إن قراءتك لكتاب “لماذا الكنيسة؟” لنخبة من اللاهوتيين والمفكّرين، سيُنشئ فيك، أيها القارئ العزيز، الرغبة والحماس للولوج إلى مزيدٍ من البحث والمعرفة المختصة بدور الكنيسة على الأرض، ولا بدّ لذلك أن يزيد الفضول لديك لفهمٍ أكبرَ وأعمقَ لمبدأ انخراط الكنيسة في محيطها أو الانفصال عنه.
إن دورَ الكنيسة وإرساليّتها للعالم موضوعٌ قديم العهد، عصريُّ الواقع. إذًا، علينا كمسيحيين أن نقتنعَ ونتبنّى مبدأً واضحًا لجهة انخراط الكنيسة بمختلف جوانب المجتمع أو عدمه.