الإنترنت بحر من المعلومات، بعضها ذو مصداقيّة وبعضها الآخر مضلّل. يُحاول الآباء التكتُّم بغية تفادي ذكر الموضوعات المحظورة، وذلك حرصًا منهم على بناتهم من فائض المعلومات. ومن ناحية أُخرى، نجد أنَّ الكنائس غير مجهّزة بمواد إرشاديّة تساعد المسؤولين على معالجة هذه الموضوعات الحسّاسة. إنّهم يخشون نظرة المجتمع، معتقدين أنّ وجود الشّابات في سياقات كنسيّة كافٍ لحمايتهنّ من الأذى. لكن يبدو أنّهم نسَوا أنّنا نعيش في وقت يتمتَّع فيه المراهقون بحضور قويّ عبر الإنترنت، ما يُسهّل عليهم البحث عن المعلومات والحصول على القبول من مصادر خاطئة. لهذا السبب، رأى فريق دار منهل الحياة الحاجة المتزايدة لمعالجة موضوعات محوريّة مثل تقدير الذات واحترامها، والهويّة، والجنس، وعلاقة الفتيات الشابّات بالله.
كان حدث “نمشي معًا” الذي أُقيم في الثالث من ديسمبر/ كانون الأوّل 2022 بمثابة تجربة توعويّة لـ107 شابّة حضرنَ هذه المناسبة، تتراوح أعمارهن بين 13 و18 عامًا. لكن سرعان ما أدرك فريقنا أنّ الشّابّات في حاجة ماسّة إلى مساحات علاجيّة تساعدهنّ على إدراك قيمتهنّ في نظر الله وعلى إدراك أنّ تكريس علاقة يوميّة معه أمرٌ ضروريّ لنموِّهنَّ السليم.
شعرت الفتيات بسعادة غامرة لتلقّي أكياس هدايا تحتوي مجموعةَ كتبِ “نمشي معًا”، ومؤشّرة تساعدهنَّ في القراءة اليوميّة، ودفتر ملاحظات، وملصقات مزيّنة مدوّن عليها كتابات محفِّزة. تُقدّم مجموعة “نمشي معًا” المكوّنة من 4 كتب صفحتَي تأمّلات يوميّة، لكلّ يوم من أيّام السنة، تشجّع المراهقات على الانطلاق في رحلة بهيجة مع الله. قالت إحدى الفتيات المشاركات والبالغة من العمر13 عامًا: “أتطلّع قُدمًا بحماسة كبيرة حتّى يبدأ عام 2023. فقراري للسنة الجديدة هو أن أُنهي قراءة الكتب الأربعة جميعها بحلول نهاية العام”.
“كنتُ أشعر بالإرهاق بعد أسبوع طويل، وقد بدأ يُصيبني الإحباط، فكان من الجيِّد أن أحظى بسماع كلمات إيجابيّة كثيرة وحديثٍ عن تشجيع بعضنا بعضًا وأن أحوز قبولاً غير مشروط. أكثر ما لمسني كان أوّل متكلّمة علّمتنا الفرق بين قيمة الذات ونظرتنا لذواتنا. لم أكن أعرف الفرق بين الاثنين، فكان ذلك رائعًا حقًا”. (مشارِكة تبلغ من العمر 16 عامًا).
لقد كان هذا شعورًا مشتركًا بين شابّات عدّة حضرنَ هذا البرنامج الذي استمرّ على مدار يومٍ كامل، فكان فرصة مباركة لتجديد الذات والتأمّل واكتشاف خطّة الله لمسيرة كلّ فتاة معه.
في مناقشة موضوع “تقدير الذات” مع الاختصاصيَّة النفسيّة العيادية ومقدِّمة المشورة سيليا خاطر، استكشفت الشابّات الفرق بين تقدير الذات الذي منحه الله لهنَّ النظرة إلى الذات التي يمكن أن تتقلّب بسبب الصورة السلبيّة عن النفس، والتعرّض المفرط لوسائل التواصل الاجتماعيّ، وغيرها من العادات غير الصحيّة. أمّا في جلسة “التوعية حول الوقاية من الجنس قبل الزواج” مع اختصاصيَّة علم النفس العياديّ ومقدِّمة المشورة المسيحيّة إنعام حدّاد، ففُتِح باب الأسئلة والأجوبة. وسرعان ما فاض الوعاء المخصّص لأسئلة الفتيات. طبعًا، نحن نجهل هويّة المتسائل ولكن نعلم أنَّ الأسئلة كانت ثاقبة حول مواضيع الاغتصاب والإجهاض والزواج المبكر والعلاقات عبر الإنترنت والحميميّة والمواعدة.
“سنوات المراهقة هي وقت حاسم بالنسبة إلى الفتيات لبناء احترامهنّ لذواتهنّ وتعزيز صورتهنّ الذاتيّة الإيجابيّة.”
في وقتٍ لاحق من اليوم، قدّمت قائدة العبادة والفنّانة شمس سعد للشابات درسًا فنِّيًا حول كيفيّة استخدام طلاء الأكريليك للتعبير عن الأفكار والمشاعر. كانت الفتيات يرسمنَ في أثناء تأمّلهنَّ في قيمتهنَّ المتأصّلة التي وهبهنَّ الله إيّاها. أخيرًا، شاركت ريم خوري، متبارية سابقة في مسابقة ملكة جمال لبنان لعام 2011، شهادتها مع الشابات، ووصفت كيف غيّر الربُّ يسوع حياتها بعد أن كانت تتصارع مع صورتها الذاتيّة السلبيّة وكان يُصيبها عطشٌ لا يُروى من حبِّ الظهور والاعتراف بوجودها.
نحن ندرك أنّ دورَنا أكثر من مجرّد نشر الكتب، هو إعادة المعنى إلى الحياة عن طريق إشراك الناس في مساحات الحوار والمحادثة. لقد كان من دواعي سرورنا رؤية الشّابات يُدوِّنَّ الملاحظات، ويُشاركنَ في المناقشات، ويسألنَ عمّا إذا كان بإمكانهنَّ التقاط الصور مع المتكلّمات في أثناء وقت الاستراحة، ويقترحنَ الترانيم المفضّلة لديهنَّ، ويَبنينَ الصداقات.
تُعتبر سنوات المراهقة وقتًا حاسمًا للفتيات الصغيرات لبناء احترامهنّ لذواتهنَّ وتعزيز صورة ذاتيّة إيجابيَّة عن أنفسهنّ. لهذا السبب، من المهمّ بالقدر نفسه بالنسبة إليهنَّ أن يُنمينَ عادة التأمُّل اليوميّ للتعرُّف على قيمتهنَّ في نظر الله، وخطته الرائعة لحياتهن.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي لتبقوا على اطّلاع بكل كتبنا الجديدة.
