“فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ.”
لا يَخفى على أحد أنَّه يستحيل أن نستردّ أيّة ثانية ما إن تمرّ، لذلك ينصحنا الكتابُ المقدَّس أن نتصرّف كحكماء لأنّ الوقت هو الحياة وإضاعته هو إضاعة الحياة. والوقت هو عطيَّة ثمينة من الرب ووزنة سنُحاسب عليها.
يُذكَر الوقتُ كثيرًا على صفحات الكتاب المقدّس بعهدَيه القديم والجديد، وفي كلّ مرّة يُنبِّهنا الوحي إلى قِصَره وهشاشته. فبحسب يعقوب، إنّ حياة الإنسان كالبخار، أمّا موسى فيُشبِّهها بقصّة تفنى سريعًا، وأيّامنا مثل العشب وكزهر الحقل بحسب داود. أيضًا يحثّنا العهد الجديد كي نستيقظ من النوم لأنَّ الوقت مقصّر ونهاية كلّ شيء قد اقتربت.
ولكن، مَن أفضل من الربّ يسوع المسيح، مثالُنا الكامل، لنقتدي بحياته على الأرض وكيف كان يقضي وقت خدمته؟ بعد التجربة في البريّة، يخبرنا مرقس في الأصحاح الأول أنَّ الرب توجّه إلى الجليل ودعا تلاميذه. ثُمّ دخل المجمع حيث علّم وشفى رجلًا كان به روح نجس. بعد ذلك، دخل بيت سمعان وشفى حماته. وهناك شفى كثيرين إذ قدّموا إليه جميع السقماء في المدينة. “وَفِي الصُّبْحِ بَاكِراً جِدًّا قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ”. وانتقل بعد ذلك إلى القرى المجاورة ليكرز.
كم مرّة قرأنا كلام الرب وتأمّلنا فيه: “لم تأتِ ساعتي بعد”، “وقتي لم يكمل بعد”، “وقتي لم يحضر”. كان الربّ يسوع يتبع جدولاً زمنيًّا محدّدًا بحسب مشيئة الآب. فكيف ينبغي لنا أن نسلك بالتدقيق خصوصًا في العمل؟ في ما يلي بعض النصائح لإدارة وقتنا والاستفادة منه.
- حدِّد الأولويات: يدّعي الجميع أنّ الله هو في رأس لائحة أولويّاتهم، ولكن على كلٍّ منّا أن يمتحن نفسه هل الأمر كذلك.
في ما يتعلّق بالأولويات في العمل، ينصح الاختصاصيّون بأن نبدأ يومنا بأصعب المهام وأهمّها.
- ركِّز: قال جيم إليوت: “أينما كنت، كُن هناك تمامًا.” كُن حاضرًا وملتزمًا كلّيًّا أكنتَ في العمل، أو في الكنيسة، أو في البيت.
- خطِّط: اجتهد أن تضع مخططًا واضحًا ليومك. أظهرت الدراسات أنّ الأشخاص المتفوّقين يقسمون برنامجهم إلى دقائق وليس إلى ساعات. ولبداية اليوم أهميّة قصوى، فاحمِ إذًا ساعات اليوم الأولى.
- نظِّم: قدر الإمكان رتِّب ملفاتك، فعلى المدى الطويل سوف يوفِّر هذا الأمر وقتًا ومجهودًا. حاوِل أيضًا أن تجمع المهام المتشابهة معًا، مثلًا إن كان عليك أن ترد على رسائل إلكترونيّة متعدّدة، خصِّص وقتًا لهذا الأمر ثمّ انتقل إلى مهمّة ثانية.
- فوِّض/ تعاون: في حال كانت لديك الصلاحيّة، وزِّع المهام على الفريق، أو تعاون مع الآخرين واعملوا كفريق.
- استفِد من الوقت مزدوجًا: إن كنت مجبرًا على الانتظار، لا تسمح لأي أمر بأن يضيّع وقتك، بل استخدم كلّ دقيقة بطريقة مبتكرة. مثلًا: يمكنك قراءة كتاب في صالة انتظار.
- استرِح: ينبغي أن تأخذ فترة قصيرة من الراحة لكي تتمكّن من تجديد قوّتك. أيضًا، من المهمّ أن يُحدِّد المؤمن وقتًا لخلوته اليوميَّة.
- تعلَّم أن تقول “لا”: لكلٍّ منّا مواهبه وخبراته، فعندما تتأكّد من نقاط القوّة لديك، تجرّأ على أن تقول “لا” لمهمّة ما، فأنت بذلك تقول “نعم” لعملٍ آخر أكثر أهميّة لا يستطيع الآخرون أن يقوموا به.
- حذارِ قتلة الوقت: ومن أخطرها: وسائل التواصل، الكسل، المماطلة والتأجيل.
وفي النهاية، إن كنتم تعملون أو تأكلون أو تشربون، “فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ”!