إنّ شعورنا بالحصانة الدائمة في حياتنا قد يكون حقيقيًّا لكنه لربما كان كاذبًا، وهذا ما يدهشنا بالفعل عندما تدخل الآلام حياتنا. لقد أقرَّ الرسول بولس بالضغوط التي مرَّ بها غير أنّها لم تحطّمه، فكتبَ كلمات الوحي المقدّس في رسالته الثانية لكنيسة كورنثس “فَالصُّعُوبَاتُ تُضَيِّقُ عَلَيْنَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَلكِنْ لَا نَنْهَارُ. لَا نَجِدُ حَلاً مُنَاسِباً، وَلَكِنْ لَا نَيْأَسُ. يُطَارِدُنَا الاضْطِهَادُ، وَلَكِنْ لَا يَتَخَلَّى اللهُ عَنَّا. نُطْرَحُ أَرْضاً، وَلَكِنْ لَا نَمُوتُ. وَحَيْثُمَا ذَهَبْنَا، نَحْمِلُ مَوْتَ يَسُوعَ دَائِماً فِي أَجْسَادِنَا لِتَظْهَرَ فِيهَا أَيْضاً حَيَاةُ يَسُوعَ. فَمَعَ أَنَّنَا مَازِلْنَا أَحْيَاءَ، فَإِنَّنَا نُسَلَّمُ دَائِماً إِلَى الْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ.” (2 كور 4: 8-10).
وكذلك حدث مع الكثير من المسيحيين الذين تألموا أو كانوا ينوؤون تحت ضيقٍ ما عاديًّا كان أم شديد الوطئة. لكن، وفي أي ظرف مؤلمٍ نسأل: كيف يسمح الله بحدوث هذا لي كمؤمن مسيحيّ ؟
يخبرنا الكتاب المقدس أن الله ليس مصدر الألم والمرض والضيق، وإنما الإنسان وطبيعته البشرية الساقطة، وهكذا يطلب منا أن “لا نستغرب البلوى المحرِقة” التي تحدث لنا أو بيننا أو عندما نقع في “التجارب المتنوعة” لأنها في نظر الله وقتية ويسيرة. ويسمّيها هو امتحان الإيمان الذي يُنشـئ صبرًا. وعلينا ألا ننسى أن سيّدنا ومعبودنا “المسيح تألَّمَ” في حياته على الارض كشاهدٍ للبرّ وهذا نحن مدعوّونَ لأن نتبعه فيه، ثم اجتاز منفردًا في آلام كفَّارية رهيبةٍ.
لقد وضعَ أر.سي. سبرول في كتابه “أدهَشَني الالم” أفكارًا ووقائع عديدة عن شتّى أنواع الالآم التي تصيبنا أو التي قد نجتاز فيها. بل قدّمَ موضوعَي الألم والموت في حياة المسيحي كحالةٍ واحدةٍ لا سبيل للخروج منها أو الانتصار عليها إلا بإعادة إبراز موضوع القيامة من الأموات وسلطان المسيح على الحياة والموت وانعتاق الجسد من الفساد بمجيء المسيح ثانيةً، عندما يُسمعُ صوتُ البوقِ الاخير ويتغيّر شكل جسدنا المتواضع والهشّ، وهذا ما يُريح المسيحي ويعزّيه ويحثّه على الصبر عند اجتيازه آلام الزمان الحاضر.
نعم، لا يسعُني إلا أن أنتظرَ الله وأطلبَ منه القوة وأستريحَ في محبته وسلطانه وقصده السامي الخيّر في جميع الظروف وفي كل الاوقات؛ بل و أكثر، يتأكدُ لي أن الله سيستخدم هذا الألم بالذات لمجده العظيم ولسبب قد لا أعلمه أنا، بل حتمًا، هو يعلمه.