يعتمدُ الخلاص الثمين على تقديم الحقِّ بأمانة. لذلك يحذّرنا الكتاب المقدس من وجود إنجيل آخر ومن وجود “تحويل” في إنجيل المسيح، “إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هَكَذَا سَرِيعاً عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ. لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ.” (غلاطيّة 6:1). لا يكون هذا التزوير إلاّ عبر تغيير المحتوى والأسلوب والإبقاء على الشكل الخارجي نفسه وذلك حتمًا للتضليل.

إن الأناجيل المزيّفة مليئة بالمغريات الكاذبة ومُفَرَّغة من الكلام المباشر والصعب. لذلك من المتوقّع أن يجد أيُّ إنجيل آخر استحسانًا أكثر عند الإنسان الطبيعي “وَلكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ” (1 كورنثوس 14:2). لا بل من الطبيعي أن يعمل الإنسان الطبيعي على طلب هكذا إنجيل “لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ ” (2 تيموثاوس 3:4).

إن الإنجيلَ هو المضمون الصحيح والأصيل بأسلوب صادق يعتمد على قوة الله. وبما أنّه يحتوي على الأخبار السارة “إِذاً الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ.” (رومية 10:10)، فالنجاح يعتمد مباشرةً على محتوى المضمون، إذ هو لا ينفصل عنه. لذلك، فالمشكلة الأكبر لا تكمنُ في التفاصيل، بل في المحتوى. أوّلًا، إنجيل الخلاص يجب أن يكون عن الله. ليست مشكلة البشرية في أنّ البشر غير فاهمين أنفسهم، بل أنهم غير فاهمين من هو المسيح، ربُّ الكون؛ “أجَابَ يَسُوعُ: لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً.” (يوحنا 10:4). أهمّ ما في محتوى بشارة الخلاص هو أن نفهم من هو الله. فعندما يخطئ الإنسان، فهو يخطئ ضدَّ الله نفسه، وكيف يفهمون أنهم يخطئون إن لم يعرفوا الله؟ كيف سيقولون “إليك وحدك أخطأت؟”. إذًا، ليست الخطية موجّهةً بالدرجة الأولى ضدَّ المجتمع أو ضدَّ القيم، بل هي موجّهة ضدَّ الله نفسه. إن أول رسالة موجّهة من الله للخطاة والبعيدين، هي أن الربَّ غاضبٌ من خطاياهم وأنه يجبُ عليهم أن يتوبوا “لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ.” (رومية 1: 18)، “كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ.” (لوقا 5:13). إنجيل الخلاص إنجيلٌ يتحدث عن الله القدوس الذي يكره الخطية. ثانيًا، إنجيل الخلاص يُعلنُ فشل الإنسان في تطبيق قانون الله، “إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ” (رومية 23:3) و”لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ.” (رو 3: 20). نحن خطاةٌ هاربون من القانون، غير حاكمين على الخطيّة. كشف الناموس خطايانا، وكلُّ تعدٍّ على هذا القانون يعدُّ خطية. “كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي.” (1يوحنا 3: 4). ونتيجة تعدّي الإنسان على قانون الله هي الموت “لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رومية 23:6). الجميعُ فشلوا والجميع سيفشلون أيضًا في إرضاء عدالة الله وقداسته. ثالِثًا، إنجيل الخلاص يتضمَّنُ دعوةً صريحةً للتوبة والتباع. ذُكر في إنجيل مرقس الأصحاح العاشر أن الربَّ قال للشاب الغني “يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ” وهذه هي دعوة للتوبة عن التَعلّق بالمال. بعد أن طلبَ الربُّ من الشاب الغني “يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ.” قال له بعدها “تَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ”، “وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَتْبَعْنِي.” (لوقا 23:9). إنّ أيَّ إنجيلٍ لا يدعو للتوبة هو إنجيل كاذبٌ لا يُخلِّص، “قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيل” (مرقس 1: 14)، ” فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. (أعمال الرسل 38:2). رابعًا، يجب ألا يكون إنجيل الخلاص مُجتزأً أو مُغلَّفاً. إن البشارةَ ليست أيُّ كلامٍ من الكتاب المقدس، بل فيها الحقُّ الكامل “شاء فولدنا بكلمة الحق”. ليست البشارة كلامًا مُخفّفًا مُلوَّنًا بصبغات السامعين، بل مزيّنًا بألوان الروح القدس الحقيقية. إن البشارةَ يجبُ أن لا تُغَلَّف وتُعَلَّبَ في هدايا تحمل عناوينَ مختلفة. “وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ.” (1 كورنثوس 4:2).

هل تجاوبتَ مع رسالة الإنجيل الداعية للتوبة والرجوع إلى الربّ المخلّص؟

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي لتبقوا على اطّلاع بكل كتبنا الجديدة.

Dar Manhal Al Hayat (@darmanhalalhayat) | Instagram

Dar Manhal Al Hayat | Facebook